سلامة أحمد سلامة
لا أظن أن دراما الحب والسلطة التي شهد العالم فصولها في قصر الاليزيه, وانتهت بانفصال رئيس الجمهورية الفرنسية ساركوزي عن سيسيليا بعد20 سنة من الزواج, سوف تنتهي عند هذا الحد, بل سوف يستمر الحديث عنها كما استمر لسنوات عن جاكلين كنيدي والأميرة ديانا. وإن كان الفرق بينهن أن جاكلين لم تبدأ قصتها مع أوناسيس إلا بعد موت الرئيس كنيدي, وأن ديانا لقيت مصرعها قبل أن تنتهي حياتها فصولا.. بينما لم تتردد سيسيليا بعد أن شعرت أن شعلة حبها انتهت وفقدت العلاقة محتواها العاطفي, في أن تبادر هي إلي طلب الخلع بالطريقة الفرنسية, وتفضي بمكنون مشاعرها وتدافع عن موقفها أمام الرأي العام الفرنسي.لاتوجد إذن ــ حتي في الصحافة الفرنسية ــ خطوط حمراء تمنع نشر الاخبار الشخصية للرموز والشخصيات العامة, وإن التزمت بعدم التلصص علي الخصوصيات والدخول إلي غرف النوم.غير أن المغزي الحقيقي في هذه الدراما الانسانية ليست في كل الضجة التي أثيرت وسبقت أو تلت الانفصال.. ولكنها في الشخصية القوية للمرأة التي ترفض هيلمان السلطة, وأضواء القصور الرياسية, وحياة سهلة تستمتع فيها بالمهابة والاحترام وهي تتجول كسيدة فرنسا الأولي بين عواصم العالم في طائرة رياسية معززة مكرمة... فتفضل علي كل ذلك أن تكون هي نفسها مع نفسها.
أن تكون أنت نفسك دون تظاهر أو نفاق أو في محاولة لاسترضاء أحد لاترضي عنه حتي ولو كان زوجك أو رئيسك.. أن تضع بنفسك نهاية لعلاقة أصبحت عبئا علي أعصابك, هو قرار يصعب أن تتخذه وأكثر صعوبة أن تنفذه. وهو بالنسبة للمرأة في كثير من المجتمعات قرار باهظ الثمن. تدفعه المرأة مضاعفا حين تفقد الأسرة والأبناء والعمل في بعض الأحيان, بل واحترام المجتمع.وهنا يبرز الفرق بين المرأة في المجتمعات الغربية والمجتمعات الشرقية التي تفضل أن تكون المرأة فيها في ظل رجل وليس في ظل حائط توهما منها أن الرجل أفضل من الحائط لأنه يضمن لها الأمان والاستقرار ويؤمن لها المستقبل والحاضر, ويصد عنها المفاجآت والكوارث!!
ويبدو أن سيسيليا التي كانت قد هجرت زوجها ساركوزي قبل انتخابات الرياسة لعدة شهور ووقعت في حب رجل آخر, ثم عادت إليه بعد أن أدركت أنها تسرعت لتحاول ترميم بناء الزوجية من جديد, فانتظرت حتي انتهت معركة الرياسة بفوز ساركوزي. ولكنها شعرت في قرارة نفسها أنها لم تحقق ما كانت ترنو إليه, وأن ساركوزي كان يريدها إلي جانبه فقط إلي أن يكسب المعركة. وهي قالت لمن انتقدوها: أنتم انتخبتموه ولكنكم لم تنتخبوني. وما حدث معي حدث لملايين الأزواج. إذ تكتشف ذات يوم أنه لم يعد لك مكان في هذه العلاقة.هذا منطق قد لايلقي هوي لدي الكثيرين. ولكنه يدل علي أن المرأة تستطيع أن تغير الكثير حتي ولو كانت مؤسسة الرياسة الفرنسية التي لم تعرف حالة طلاق منذ نابليون. لأن المرأة غالبا لاتستطيع أن تكون هي نفسها أبدا مهما ادعت غير ذلك!
Monday, November 5, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment