Thursday, November 15, 2007

جرائم رجال الشرطة

ابراهيم السايح

لن تتوقف جرائم رجال الشرطة طالما استمر مبارك ونظامه وحزبه يحكمون البلاد. الضابط الذي شارك في تزوير انتخابات الرئاسة لن يصدق أن الرئيس الناجح بالتزوير غير راض عن تعذيب الناس، والضابط الذي شارك في تزوير انتخابات مجلس الشعب لا يمكن أن يحترم البرلمان، أو القانون، أو المعارضة، أو الصحافة.الرأس في مصر فاسد تماما، وطبيعي أن ينتقل هذا الفساد إلي كل الأجزاء والأركان والأجهزة.النظام المصري لا يتعامل مع رجل الشرطة تعاملا آدميا كريما، ولكنه يمارس عليه نفس ما يمارسه علي الناس من إذلال واستبداد وإهانة، ورجل الشرطة يخضع لقوانين شبه عسكرية ولا يملك ترف التأفف أو المعارضة، وليس أمامه سوي تفريغ شحنات الكبت والقرف والإحباط في أي مواطن تسوقه الأقدار إلي قسم أو مركز أو نقطة شرطة.في بعض إدارات الشرطة يفرضون علي الضابط عددا معينا من القضايا أو المخالفات التي يتعين عليه ضبطها كل يوم، وإلا تعرض للجزاء الإداري أو المالي، ويقوم الضابط بممارسة ضغوط لا إنسانية علي الأمناء أو الأفراد أو المرشدين لاستيفاء حصته المقررة ولو تعسفيا علي حساب الأبرياء.النظام المصري يضع رجال الشرطة في مواجهة المواطنين، علي طريقة «يا قاتل يا مقتول»، بحيث يفقد الضابط وظيفته أو امتيازاته لو لجأ إلي أي قدر من التسامح أو المعاملة القانونية الكريمة مع المواطنين خاصة في قطاعات المباحث الجنائية ومباحث أمن الدولة والحرس الجامعي، الضابط في هذه الإدارات السيادية يشبه جندي الأمن المركزي، حيث يفقد وظيفته أو امتيازاته لو تلكأ لحظة واحدة في تنفيذ الأوامر أو حاول التفكير في صحة وجدوي هذه الأوامر.والأخطر والأسوأ من تعذيب المواطنين أن قطاعا كبيرا من رجال الشرطة لا يحترم الوظيفة أو القانون ويلجأ لارتكاب نفس الجرائم التي يتقاضي راتبه لمنعها وضبطها.ففي قطاع المخدرات ضباط يتقاضون رشاوي منتظمة من التجار، وفي قطاع الآداب ضباط متورطون في علاقات شخصية وعلاقات عمل مع شبكات الدعارة، وفي قطاع الأموال العامة ضباط يمارسون كل الأنشطة التي يكافحونها، وكذلك الحال في جرائم السرقة والنشل والتهريب والرشوة والقتل «إلخ.. إلخ»، حيث تم بالفعل اكتشاف رجال شرطة يرتكبون كل هذه الجرائم.لابد من الاعتراف بعدم وجود منطلقات أخلاقية أو وطنية أو قانونية تحكم الاداء العام في هيئة الشرطة، ففي ظل الاستبداد والتزوير واللاشرعية وانهيار المجتمع المدني صارت الشرطة سلاحا بلا عقل أو ضمير يهوي به الحاكم علي رأس من يشاء في أي وقت وأي مكان دون الحاجة لأسباب أو مبررات أو قوانين، ولن تتوقف جرائم الشرطة بتحويل بعض مرتكبيها للمحاكمة، فعصابات المخدرات تتوسع وتنتشر وتزدهر رغم المئات الذين يدخلون السجن كل عام بالتنسيق بين الحكومة وزعيم العصابة.

No comments: