اسامة هيكل
لم يكلف الأمر الرئيس مبارك مجرد جرة قلم.. اكتفي بمجرد كلمتين في مؤتمر صحفي بالاسماعيلية ليلغي مشروع إنشاء عاصمة جديدة لمصر، وليحرج كل الذين شاركوا في المشروع، وكل الذين أيدوه وصفقوا له. منذ سنوات، والمصريون يستمعون لتصريحات عن عاصمة جديدة لمصر بدلاً من القاهرة التي أصبحت مكتظة بسكانها وسياراتها وعوادمها ومشاكلها.. ولكن خلال العام الماضي، زاد الحديث عن هذا الأمر بشكل ملحوظ،
وأعلن جمال مبارك الأمين المساعد وأمين سياسات الحزب الوطني عن مخطط عمراني جديد لتطوير القاهرة الكبري، ثم فجأة تحول الحديث علي المستوي التنفيذي إلي فكرة إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر بدلاً من القاهرة، ولم يكن الأمر محل خلط أو سوء فهم.. فقد أعلن صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري قبل أسبوع أنه تلقي خطاباً من رئيس الوزراء يطلب رأيه في موقع مجلسي الشعب والشوري الجديدين في التخطيط الذي انتهي للعاصمة الجديدة. وفي نفس اليوم، أكد الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والنيابية أهمية إنشاء عاصمة جديدة لمصر، وقال إن الحكومة تقوم بدراسات مستفيضة لحل مشكلة ازدحام العاصمة وتخفيف العبء السكاني بالقاهرة.
* وكان تقرير التنمية البشرية الصادر في 2006 بالتعاون بين الأمم المتحدة ومعهد التخطيط القومي قد طالب بخريطة عقارية جديدة لمصر، وركز علي ضرورة إنشاء عاصمة جديدة وإيجاد عناصر جذب السكان للمناطق الجديدة.
* كل هذه الدراسات التي أجرتها الحكومة المصرية مصيرها »سلة المهملات«.. كل الأموال التي أنفقتها الحكومة علي الدراسات المستفيضة للتخطيط الذي انتهي وفق التصريحات الرسمية، ضاعت هباء.. تماماً مثل مشروعات كثيرة بدأت وتوقفت.
* والحقيقية أن أسانيد الرئيس مبارك في رفضه للمشروع منطقيه.. فالعدالة الاجتماعية في حالة سيئة، ومصر ليست ذات اقتصاد منتعش لدرجة إنفاق عشرات المليارات علي عاصمة جديدة.. وبالتالي يجب توجيه الموارد لخدمة السكان.. ولكن السؤال، أليس الأجدر بالحكومة أنها تعلم حقيقة الوضع الاقتصادي ومعاناة الشعب وآلامه؟!
* الرأي النهائي في مشروع العاصمة الجديدة كان للرئيس مبارك.. ولكنني لا أعلم لماذا لم يعلن رأيه منذ بدء الحكومة في دراساتها التي تكلفت بالتأكيد مبالغ مالية ضخمة جداً؟! ولا أعلم هل بدأت الحكومة تلك الدراسات بمعرفة الرئيس أم بدون معرفته؟!
* المؤسف.. أن النموذج الذي ظهر به مستوي الأداء العام للدولة في هذه القضية يعكس أننا نعيش حالة من العشوائية.. ويؤكد أننا لانضع أمامنا هدفاً محدداً، وأن الحكومة تعمل بمزاجها بعيداً عن إستراتيجية محدده يعلمها الرئيس ويوافق عليها.. والنتيجة أن كل دراساتنا إلي سلة المهملات ومعها ملايين كثيرة يحتاجها المواطن.
Wednesday, November 21, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment