Saturday, November 10, 2007

الكبير كبير بنحبك يا منير

حمدى رزق
الاسم أعلاه وحده جائزة، تتفاخر بصاحبه الجوائز، لو فاز بها، لا يسعي لجوائز، تسعي إليه الجوائز، يزينها لو اقترنت باسمه، اسمه هو الجائزة، الملك هو الملك.
من موسوعة «ويكيبيديا» ننقل تلك السطور «محمد منير وشهرته ـ أحيانا ـ منير من مواليد١٠ أكتوبر ١٩٥٤، مغن مصري يعرف بموسيقاه التي يخلط فيها الجاز بالسلم الخماسي النوبي، وكلمات أغانيه العميقة، وأسلوب أدائه و مظهره غير الملتزم بتقاليد الطرب والمطربين، وبخاصة شعره النامي المفلفل وطريقة إمساكه بالميكروفون ووقوفه وحركاته ولزماته أثناء الغناء..
مطرب مصري صميم من بلاد وراء السد، من مواليد قرية الدر القديمة، النوبة، أسوان، تلقي منير تعليمه المبكر وقضي فترة الصبا في أسوان قبل أن يهاجر مع أسرته للعاصمة بعد غرق قري النوبة تحت مياه بحيرة ناصر التي خلفها السد العالي، في أوائل السبعينيات، أحب ممارسة الغناء كهاوٍ منذ الصغر واحترف حتي صار الملك».
منير أكبر من كل الجوائز، منير جائزته جمهور مخلص يقف علي قدميه ساعات طوالا في ليلة شتوية يتدثر بالصوت الدافئ الذي ينطلق من حنجرة مسكونة بالحب الحقيقي، الجوائز المدفوعة نقدا، المحجوزة سلفا، لن تضيف لمنير سطرا واحدا في مسيرة ٣٠ سنة من الغناء.
الزج باسم منير في الصراع الضاري علي اقتناء بعض الجوائز المسماة بالعالمية هدفه مفضوح، إعطاء أفضلية للبعض، وهذا ما يجافيه الواقع في الحفلات وتنبذه أرقام المبيعات، منير خارج أي مقارنة، المقارنة تظلم الآخرين، خارج نطاق الجوائز التي تنبعث منها رائحة النفط.
كسر عنق الحقائق لن يحول الأكاذيب إلي حقائق، تظل الحقائق ناطقة بالحقيقة وتذهب الأكاذيب هشيما تذروه الرياح، محاولة مستحيلة لتنصيب من لا ينصب أميرا علي الغناء في وجود الملك، متي ترتقي الهضاب إلي ذرا الجبال العالية، منير جبل عال واعر صعب علي البيع والشراء، لا يشتري جوائز، يدفع شقي عمره في اقتناء غنوة كتبها شاعر شفيف في ليلة هبط فيها القمر علي الأرض يداعب النجوم ليختار من بينها ست الحسن والجمال.
منير لا يقاس بالأرقام المضروبة التي ينتزعون بها لأنفسهم صدارة المشهد الغنائي، المزيفون يزيفون، انتزع المزيفون صدارة المشهد الثقافي والصحفي والفني، زمن المديوكر، منير يصعب قياس أثره الذي يتركه في النفوس وهي تقتات علي كلماته منطوقة بأداء عذب سلس شجي يروي الظمأي إلي جملة لم تغن بعد.
التنطيط علي أكتاف منير بالاكتاف العارية لا يخيل علي جمهور واع يحجز تذكرة في حفل منير من السنة للسنة، لا يغني منير علي الشواطئ يغني علي مسارح الأوبرا، هنا الغناء يصح ويجوز، غناء للعقول وللقلوب، هناك فرق بين الفرفشة في بورتو مارينا والنغم علي المسرح الكبير، الكبير كبير كما يقولون.

ليكسب من يكسب، عاريات الصوت يفزن بالجوائز، إحداهن فازت مرتين متتاليتين وضاعت عليها الثالثة، لو بذلت قليلا من الجهد البدني لحققت الثلاثية، لاحتفظت بها مدي الحياة، لصارت مغنية القرن، فشلت فيما نجح فيه آخرون، كلهم عراة لو تعلمون.
أحب منير لأسباب ليست لونية، كلانا أسمر، ولكن أحب فيه عذوبة توافرت له وحده كما توافرت لنهر النيل دون سائر أنهار الدنيا لدرجة أننا في مدارسنا الأولية لا نستطيع نطق النيل إلا مقرونا بالعذب، ولا يروي ظمأ العطاشي بعد مياه النيل سوي صوت منير.

No comments: