Monday, November 12, 2007

أين أحزاب المعارضة؟!

سعيد عبد الخالق

الذي يجري في الدول المتقدمة التي تأخذ بالنظام الحزبي.. شيء!! والذي نراه في بلادنا شيء آخر مختلف تماما!! هناك تري وتقرأ عن حوارات بين الأحزاب في المسائل والقضايا القومية، ونشاهد احزاب المعارضة ترد علي البيانات والارقام التي يصدرها الحزب الحاكم! واحيانا.. يرد الحزب المعارض بقسوة عندما يكذب الحزب الحاكم في بياناته، ويصدر الحزب المعارض بيانا الي الامة يتهم فيه الحزب الحاكم بخداع الشعب بالاعلان عن ارقام وردية وهمية!!
يحدث هذا في الولايات المتحدة.. ورأينا الحزب الديمقراطي المعارض يرد بقسوة علي بيانات الحزب الجمهوري الحاكم حول الحرب في العراق، ويتهمه بالتضليل في ارقام الجنود الامريكيين القتلي، كما يشهد الكونجرس مناقشات شرسة من الحزب الديمقراطي المعارض حول الملف الاقتصادي الذي يزداد سوءا يوما بعد آخر، وأبرز ما فيه تدني قيمة الدولار الامريكي امام العملات الرئيسية في العالم!!
وبالمناسبة.. ليس من خصائص هذه المناقشات اساليب الردح وفرش الملاءة او الدخول في الامور الشخصية، وهناك خزائن فكرية متخصصة تزود نواب المعارضة بالدراسات المطلوبة، والمستخدمة في فضح سياسات الحزب الحاكم!!، هذا يحدث في العالم المتقدم مما يثري الحياة السياسية، ويزيد من نسبة مشاركة الشعب فيها!
والذي يحدث في مصر شيء آخر مختلف تماما! إننا عشنا الأيام الماضية، زفة المؤتمر العام للحزب الوطني التاسع وامطرتنا وسائل الحكومة بصورة يومية ببيانات ومناقشات وارقام خرجت من مؤتمر الحزب ولجانه تتحدث عن انجازات لم نشعر بها علي أرض الواقع، ولم ترفع من مستوي المصريين اقتصاديا واجتماعيا!.
وتعالوا نتساءل: ماذا فعلت أحزاب المعارضة تجاه عمليات التضليل والخداع التي تعرض لها الشعب طوال ايام المؤتمر؟! هل تحققت أحزاب المعارضة من ارقام فرص العمل الضخمة التي أعلن الحزب الوطني عن توفيرها للشباب؟ وهل تساءلت احزاب عن اسباب عمليات الهروب الجماعي للشباب الذين يتعرضون للموت في سبيل البحث عن مصدر رزق؟ وهل تفاعلت أحزاب المعارضة مع حوادث الغرق للرد علي بيانات مؤتمر الحزب الوطني؟! حدثان وقعا في وقت واحد.. مؤتمر الحزب الوطني الذي راح يردد أعضاؤه: »الجو ربيع.. والدنيا جميلة«، وغرق شبابنا علي سواحل اليونان وايطاليا وقبرص في عمليات هروب جماعي من مصر!! وتفاجأ يا محترم بأن احزاب المعارضة اكتفت بالجلوس علي مقاعد المتفرجين ثم يتساءل قارؤها بعد ذلك عن دورهم، وأسباب وجودهم، ولم تقرأ بيانا لحزب واحد عن هذه الاحداث!!
ان الحزب الحاكم لن يدعو أحزاب المعارضة للتفاعل مع الاحداث، ولن يدعوها للرد علي بياناته.. والتشكيك في ارقامها، ولن يحرك المياه الراكدة في هذه الاحزاب التي اختارت حياة الجزر!! وهذه كارثة.. فقد اصبح هناك صوت واحد يصل الي رجل الشارع، واختفت منذ سنوات بقية الاصوات الاخري لأسباب عديدة.. ولن نخوض فيها الآن، وأصبحت الحياة الحزبية مثل الذي يسير علي عكاز واحد!!
ان الحال الذي وصلت اليه الحياة الحزبية لا تسر أحداً!! باستثناء الحزب الوطني الحاكم الذي يلعب وحده بعد ان اصبح الملعب السياسي خاليا من اللاعبين!! وهذه كارثة.. نراها لاول مرة منذ عام 1977 عندما دعا الرئيس الراحل انور السادات الي عودة الاحزاب السياسية!! ولا أتصور.. انه اتهام الحزب الوطني بالمسئولية وحده عن هذه الحالة.. صحيحا! ولا يجب ان نستخدم تبرير اليأس والاحباط وانعدام الأمل! ان احزاب المعارضة واجهت كل هذه الظروف الصعبة في الثمانينيات والتسعينيات، وساهمت بدورها الفعال في انتعاش الحياة الحزبية التي نراها تلفظ انفاسها الاخيرة!!

No comments: