Saturday, November 3, 2007

مصر تطرد أولادها

جمال بدوي

تبذل السلطات الايطالية أقصي ما لديها من جهود لاستخراج جثث 125 شابا مصريا غرقوا في البحر الابيض المتوسط أثناء محاولة التسلل الي السواحل الايطالية عبر مركبين يحملان شحنتين من البشر المصريين. انطلق أحدهما من السواحل المصرية، لآخر من السواحل الليبية. ولانعرف حتي الآن الظروف التي أدت الي غرق المركبين،
وليس بمستبعد أن يكون في الأمر جريمة إغراق متعمد علي أيدي العصابات التي قامت بتدبير سفرهم»!!«
** كنا نتمني أن تتمكن سلطات خفر السواحل المصرية من منع هذا البلاء قبل وقوعه، وأن تنجح سلطات الأمن المصرية في القبض علي افراد العصابة التي قامت بتدبير هذه الرحلة المشئومة. فرغم تكرار هذه الحوادث الاجرامية لم نسمع حتي الآن عن جزاء رادع لتلك العصابات التي تستغل حمي الهجرة وتطوف بالقري والمدن لاصطياد الشباب الذين تلبستهم فكرة الهروب بأي ثمن.. ويدفع الاباء عشرات الالوف من الجنيهات حتي يجدوا لابنائهم مكانا في جوف مركب بدائي ينطلق بهم الي أرض الاحلام»!!«
** لقد تبين من إحصاء الناجين أن بينهم عدة غلمان في سن المراهقة. ورغم نجاتهم من الغرق: فقد هربوا من مركز الايواء الذي أعدته لهم السلطات الايطالية.. وتسللوا عبر المسالك إلي داخل الأراضي الايطالية. فهم لم يحمدوا الله علي نجاتهم، ويشكروه علي نعمة العودة سالمين إلي أرض الوطن، وإنما هم مصرون علي مواصلة الهرب بعد أن تحول الوطن في عيونهم الي مصدر للتعاسة والبطالة والضياع»!!«
** إنها ظاهرة جديدة أصابت الشخصية المصرية بالانحراف عن التقاليد القديمة التي كانت تأبي مغادرة الأرض، وتؤثر البقاء مهما لاقي المصري من ضنك وعنت وضيق من الرزق.. الآن.. تغير الوضع، وصار المصري مثل طائر حبيس يتحين لحظة الفرار والانطلاق الي العالم الخارجي حتي لو كان في الهرب مغامرة بالروح، وتضحية بالاهل والولد والذكريات.
** الآن يذهب المصري إلي اسرائيل لاجئا ولائذا وطالبا لكسرة الخبز، وحتي قرن مضي كان بنو إسرائيل يلجأون إلي مصر باحثين في ربوعها عن نعمة الأمن والنجاة من الاضطهاد الاوروبي، فيجدون في ربوعها العيش الرغيد، الآن.. انعكست الآية.. وبعد أن كانت مصر جاذبة للأجانب، باتت مصر طاردة لابنائها.. ولا حول ولاقوة إلا بالله.

No comments: