عادل صبري
لو أراد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني أن يحقق الشفافية والطهارة في الحزب الوطني لفعل دون أن يكتفي بالتصريحات الرنانة التي لا تغني عن الواقع شيئا. فالتصريحات التي أطلقها الأسبوع الماضي لم تقدم أو تؤخر لأن الفساد ينخر في الحزب الوطني كمجري السيل. وهذا الكلام لا نقوله من عندنا بل من سجلات المحاكم والتقارير الرقابية التي كشفت حالات الرشوة التي ارتكبها قيادات بالوطني منهم أعضاء في البرلمان.
وهناك تصريحات للوزراء الممثلين لحكومة الحزب الحاكم تبين كم يأنون من احتكار قيادات بالوطني للسلع والصناعات الحيوية لدرجة أن الدولة بقوانينها وعساكرها لا تستطيع أن توقفهم عند حدهم. فإذا كان الأمين العام للحزب الحاكم لم ير هذه التقارير فعنده من الاتصالات والصلاحية التي تجعله مطلعا بكل شيء في الدولة وإن كان غير ذلك فإنا ننصحه بأن يقرأ عن التجربة التي أحطنا بها علما من أكبر دولة شيوعية. وعملا بحكمة " اطلبوا العلم ولو في الصين" نهدي السيد صفوت الشريف هذه التجربة التي كان شاهدا علي فعاليتها الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية والأمين المساعد للحزب الوطني وبالتأكيد اطلع عليها الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والوفد البرلماني الذي ضم قيادات من الوطني منهم الوزير كمال الشاذلي ومحمد أبو العينين وحسين مجاور خلال زيارتهم البرلمانية لبكين الأسبوع الماضي.
تعرض الحزب الشيوعي الحاكم في الصين منذ عام -1949 أي قبل جماعة الحزب الوطني بثلاث سنوات -إلي انتقادات من المواطنين الذين رأوا أن قياداته الاشتراكية تسللت إلي عالم البيزنس، فانحرف البعض إلي علميات فساد وحصلوا علي رشاوي أثناء بيع المشروعات والبنوك العامة واسناد المناقصات للقطاع الخاص. طبعا حجم الفساد كان كبيرا بحجم الدولة العملاقة في عدد السكان والمساحة والمبالغ التي تنفقها سنويا وتتعدي التريليون دولار. ظل الحزب الشيوعي متكتما علي الفساد داخله حتي غلي القدر بما فيه ونضح في الخارج، فأصبحت فضائح المسئولين الشيوعين بجلاجل علي صدر الصحف الأجنبية والانترنت . ولم تفلح الحكومة في كتم أصوات الناس رغم القبضة الحديدية علي وسائل الإعلام والأمن المتواجد في كل شارع وحارة. وعرف الناس الأباطرة من أبناء المسئولين الذين حصلوا علي التوكيلات التجارية والصفقات الكبري ومثلوا غطاء شرعيا لفساد آبائهم من سدنة النظام والحزب الشيوعي الحاكم.
تحول همس الناس إلي كابوس للنظام رغم أن حالة الاقتصاد تشهد نموا هو الأسرع من نوعه في العالم علي مدي عقد كامل، وارتفاع مستويات الدخول إلي الضعف خلال أربعة أعوام، وتوقع بأن تتضاعف بمعدل 4 مرات عام 2020 . لقد كان أولي بالحزب أن يعاير الناس بما أنجزه لهم وأن يتاجر بالتطور الذي تشهده الصين في كافة المجالات، لا سيما أن الناس لديها أمل في مستقبل أفضل. مع ذلك وجدنا عند وصولنا بكين أن الأمين العام للحزب الشيوعي هو جينتاو الذي يتولي رئاسة الدولة في نفس الوقت يضع محاربة الفساد علي قائمة أولويات المؤتمر العام السابع عشر للحزب الذي يعقد كل 5 سنوات. ووضع الشيوعيون تعديلا جديدا في دستور الحزب وهو عبارة عن قواعد وسياسات للحزب الحاكم تأخذ صفة النصوص الدستورية للدولة بمجرد اقرارها من المؤتمر العام، فأنشأ من خلال النصوص مؤسسة " لمنع الفساد ووقف ابتزاز المال العام". وشكل الحزب لجنة للافصاح تتولي الرقابة علي صفقات بيع المنشآت العامة واسناد المناقصات بل توسع الأمر بأن جعل مهمة الرقابة علي تنفيذ المناقصات في يد جهات بعيدة عن الحكومة يشارك في إدارتها الحزب مع شخصيات عامة ومؤسسات خاصة.
ألغي الحزب الشيوعي دور الموظف الحكومي في منح المناقصات أوتحديد شروطها حتي لا يلتقي الراشي والمرتشي في نقطة واحدة واعتمد علي بلاغات المواطنين في تتبع الفاسدين.
وأسفرت الحملة علي الفساد في الاشهر الماضية فقط عن معاقبة 97 ألفا و260 مسئولا . هذه الإحصائية ذكرها أمين الحزب جينتاو بنفسه، مؤكدا أن التهم طالت 3530 من قيادات الحزب منهم 7 علي مستوي الوزراء.. مع ذلك يعترف الصينيون بأن هناك صعوبات في اقتلاع الفساد من جذوره، فالدولة في حالة حراك اقتصادي ضخم والأموال المخصصة للمشروعات العامة بالمليارات والاستثمارات الأجنبية تتدفق من كل صوب وحدب وهناك شركات تنتظر دورها في الطابور للدخول كشريك في أي مشروع بالدولة العملاقة. أي كل مدخلات الفساد جاهزة وليس كحالنا الذين نعد الغنمات ونستجدي المساعدات ونقبل أقدام المستثمرين كي يلقوا إلينا بالفتات.
Saturday, November 3, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment