د. إبراهيم السايح
لا أحد في مصر أو خارجها يهتم بقياس درجة «الجبلنة» لدي أي شخص يقبل التواجد كوزير أو مسئول سياسي أو رئيس وزراء في دولة الرئيس حسني مبارك، فالسيد الرئيس سالف الذكر اعتاد طوال عهده ـ أو عهوده ـ عدم احترام السادة الوزراء والسادة رؤساء الحكومات كلما اتخذ أحدهم قراراً دون الرجوع إليه، وأحياناً يطيح سيادته
بقرارات اتخذوها تقرباً منه ونفاقاً له ولنظامه.رئيس الوزراء كمال الجنزوري ذهب إلي غير رجعة حين حاول ممارسة بعض اختصاصات منصبه دون الاسترشاد المباشر والصريح والمعلن بتوجيهات وأوامر السيد الرئيس السيد وزير العدل الحالي قام الرئيس بإلغاء بعض القرارات التي اتخذها تنكيلاً بالقضاة لصالح النظام!!
السيد وزير الزراعة السابق تمت إقالته لأنه حاول تنفيذ بعض السياسات التي تحقق مصالح الدولة والشعب علي حساب التوجهات الاستراتيجية لنظام حسني مبارك.السيد وزير التموين الأسبق أطاح به الرئيس لأنه كان يبدو منحازاً للفقراء حريصاً علي دعمهم ولو علي حساب إخوانه وأسياده المستثمرين والمحتكرين.السيد وزير المالية الأسبق لفقوا له قضية وسجنوه لأنه لم يكن متعاوناً مع الكبار وأصحاب الشأن بالقدر المطلوب.
السيد وزير الزراعة الحالي اتهمه الرئيس بالجهل والفشل ورغم هذا لم نسمع عن إقالته أو استقالته.والسيد رئيس الحكومة الحالي أعلن منذ عدة أيام أن حكومته سوف تنشئ عاصمة بديلة للقاهرة ثم أعلن الرئيس في اليوم التالي أن هذا الكلام غير صحيح وأن الحكومة مكلفة حالياً «بمشروع» العدل الاجتماعي دون سواه!!
لم تحدث طوال عهد الرئيس مبارك حالة غضب أو استقالة من جانب أي وزير أو مسئول ممن تعرضوا لإهانات معلنة من السيد الرئيس ولم يجرؤ مسئول واحد ـ باستثناء الدكتور يحيي الجمل ـ علي إعلان خلافه أو اختلافه مع الرئيس حتي بعد الإقالة والخروج النهائي من خدمة النظام.التعاون مع النظام المصري في عهد الرئيس مبارك يتطلب عقداً اجتماعياً فريداً يتنازل المسئول بمقتضاه عن شخصيته ومبادئه وأفكاره ورؤيته وجانب كبير من حريته وكرامته لصالح النظام. والمشكلة أن النظام المصري ليس الرئيس وحده، ولكنه يشمل إلي جانب الرئيس جهات سيادية أخري مثل الديوان الرئاسي والجهات الرقابية والأمنية والسياسية المتصلة مباشرة برئاسة الجمهورية، فضلاً عن الصحف القومية التي تخاطب الرئيس وأجهزته علي حساب أي شخص أو أي شيء آخر، هذا إلي جانب السادة كبار المستثمرين والسادة كبار السفراء والسادة كبار العائلة!!
وفي مثل هذه الأجواء عليك ـ أخي المواطن الكحيان ـ أن تقبل يديك وقدميك وتسجد شكراً لله لأنك خارج حسابات القصر الجمهوري، فالمواجهة مع ضابط أو أمين شرطة أهون بكثير من مواجهة أنصاف الآلهة!!
Monday, November 26, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment