د. أحمد دراج
الفعالية هي القيمة الأساسية التي يجب توفرها لإحداث أي تغيير اجتماعي، وهي " أي الفاعلية " من ألزم القيم التي ينبغي اعتمادها كمقياس لفكر وسلوك الفرد والجماعة لإعطاء الفعل حركيته التي يرتبط توفرها بتوفر المنطق العملى لها في نظر مالك بن نبي وتثبت الأحداث التاريخية والآنية أن إهدار طاقة الشعوب وفعاليتها هو أحد الأهداف الاستراتيجية للنظم السياسية المستبدة التي تحتكر السلطة في بلدان العالم المتخلفة منتهجة نفس الآلية التي انتهجها المستعمر معتمدا على ثلاثة عوائق رئيسية هي:
1- قلة الوعي الجماهيري
2- فساد النخب السياسية
3- تفتت موقف النخب الثقافية حيال قضايا المجتمع
وتسعى تلك النظم الدكتاتورية دائما إلى إهدار الطاقات الشعبية وشل حركة الرأي العام فيما لا طائل من ورائه وإيهام الشعوب بأن تلك النظم تمتلك الحقيقة المطلقة والحكمة المطلقة والصواب المطلق بوسائل إعلام مزيفة ومزيفة، و تعتمد قبل ذلك على أنها تمتلك قوة الردع المطلقة لشعوبها بالسلاح والعنف المفرط، وتستعين في قضاء حاجتها لتكريس احتكار المال والسلطة على آليات محددة تتلخص الهجوم الاستباقي على الوعي وشغله الدائم بـ :
1- ابتكار الشائعات وترويجها
2- تضخيم القضايا الفرعية والتقليل من أهمية القضايا الرئيسية
3- تقديم القرابين السياسية والاقتصادية بين حين وآخر
4- التعاقب المستمر للقضايا والأحداث المصطنعة
فقد لوحظ- في مصر على سبيل المثال- أنه بعد ازدياد الوعي في أوساط الشباب المصري وشريحة لا بأس بها من مثقفيه وقادة الرأي فيه واستفادتهم من الأطر ثقافية والمعلوماتية المختلفة والمستحدثة في تجميع القوي وحشد الطاقات، ومع زيادة حدة الاحتجاجات والمظاهرات بقيادة حركة كفاية وغيرها من القوى الوطنية الراغبة في التغيير نرى أن أجهزة الدولة الأمنية والبوليسية قد لجأت إلى حلول ذكية ( نحسبها كذلك حتى اليوم لعدم استدراك النخب الثقافية لمخاطرها ) إلى جانب سلوكها القمعي تجاه أي تحرك لتوسيع مساحة الوعي المطرد يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة، وقد تمثل هذا في إعداد قائمة من الأحداث المصطنعة والمتوالية لتفتيت قضايا الرأي العام الكبرى مثل الفساد المنهجي المنظم والتزوير الفاضح للانتخابات وتوليف مواد الدستور وغيرها.كل هذا يساعد –بلا شك- على وقف عملية جريان الآراء العامة أو تحويلها إلى قنوات فرعية وهامشية ضيقة، وهذا مدخل أساسي لفهم أحد أهم دواعي الهبوط المفاجيء في أداء تلك الحركات الاحتجاجية وإصابتها بنوع من " الخضة " والهبوط في الدورة الدموية.وبعد، ما الحل لمواجهة تلك التكتيكات التي تنزع الفاعلية من حركات التغيير في المجتمعات الموبوءة بتلك الأنظمة الاستبدادية ؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى الاتفاق على إجابة أو إجابات واحدة بصيغ متعددة تلتف حولها شرائح المجتمع المصري لاستعادة الفاعلية المفقودة بسبب عوامل بعضها تاريخي وبعضها الآخر آني مؤقت لاسترداد حقوقه الشرعية من أنياب مغتصبيها.
Wednesday, November 7, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment