Tuesday, November 6, 2007

تمبروري

جمال الشاعر

حضرت لقاء أماتو وزير الداخلية الإيطالي مع الجالية الإسلامية في روما.. أعجبني من كلامه أنه وعد بحل مشاكل الجالية ما استطاع، ولكنه لا يدري ماذا سيحصل بعد مغادرته الوزارة، ومن هو وزير الداخلية الذي سيأتي بعده.. الطريف أن السيد أماتو كان رئيس وزراء إيطاليا في حكومة سابقة ثم حدث تداول السلطة مع وزارات مختلفة وصولا إلي حكومة بيرلسكوني السابقة..
تخيلت الوضع في مصر.. الدكتور الجنزوري أو الدكتور عبيد مثلا يقبل منصب وزير المالية أو الداخلية في حكومة جديدة يشكلها الدكتور نظيف، هذا لا يحدث عندنا أبدا.. الوزير السابق يظل سابقا إلي الأبد ورئيس الوزراء السابق لا يقبل بأقل من منصب رئيس الوزراء، في إيطاليا من الممكن أن يعود مرة أخري وزيرا أو رئيسا للوزارة، إنها الديمقراطية ..إنه الحراك السياسي.. إنه تداول السلطة..
آليات الدولة المدنية الحديثة تلك الدولة التي تقبل بالتعددية الحزبية ويسعي كل حزب إلي الوصول إلي السلطة مرات ومرات وإذا خرجت حكومة الحزب الاشتراكي هذه المرة من السلطة وجاءت حكومة الحزب الديمقراطي ليس نهاية المطاف.. الجهاد السياسي مستمر.. وتلك هي شروط اللعبة.. عندما تقابل السياسيين في أوروبا تعجب أنهم بشر عاديون وتنظر في عيونهم.. أين النظرة إياها؟!..
أين جبروت السلطة في أعينهم؟!.. لن تجد.. هو يعرف أنه «تمبروري» أي مؤقت.. شرودر المستشار الألماني عندما رأيته في معرض الكتاب في فرانكفورت في احتفالية الكتاب العربي «ضيف الشرف منذ سنوات».. صافحته وتحدثت إليه ولم أجد حوله حرسا شديدا ولا في عينيه نظرة الخلود إياها.. نظرة من يشعرون أنهم خالدون فيها أبدا.. أعترف أنني ارتكبت حينها للحظة خوفا من العواقب..
نحن داخلنا ميراث يحذر من اختراق المسافة الحرجة مع ذوي السلطان.. وتصورت أن الحرس سوف ينقضون علي لاقترابي الشديد منه وانفرادي بالحديث إليه.. لم يحدث شيء من هذا.. واحترت كثيرا كثيرا فيما يحدث عندنا.. ولكن حيرتي زادت عندما أخبرني سياسي ألماني في يوم من الأيام وكنا نجلس في مقهي أينشتاين الشهير في برلين، أخبرني أن المستشار هيلموت كول يأتي كثيرا ليتغدي في هذا المطعم أو يحتسي القهوة كأي مواطن عادي

No comments: